جليد بغداد وكردستان

الاراء 11:23 AM - 2014-10-29
ساطع راجي

ساطع راجي

لم يتغير شيء في العلاقة بين بغداد وكردستان، المشاكل بقيت هي نفسها رغم تغير لهجة الخطابات المتبادلة، اللجان انتهت الى الصمت وزيارات الوفود أصبحت وعودا بلا أمل، لقد تخلصت المشاكل من الاغلفة الشخصية والتصريحات السياسية وبقي الجزء الحقيقي والصلب من المشاكل، هو ذلك الجزء المتعلق بالاجابة على الاسئلة المصيرية واستكمال بناء الدولة والعبور فوق العلاقات الشخصية والحزبية ومنهج الصفقات والانتقال الى العمل المؤسساتي وهو انتقال تعثر منذ 2003.

التهديدات والمآسي والمخاطر التي يتعرض لها العراق وتواجه حكومتي الاقليم والمركز لم تدفع الجانبين حتى الآن الى التعجيل في حل مشاكلهما التي تبين ان خلافات المالكي وبارزاني ليست إلا سطحها الهش الذي يمكن تحطيمه بسهولة لكن ذلك لايعني بالضرورة حل المشاكل، لقد ارتكب المالكي خطأ كبيرا عندما قطع مخصصات الاقليم ورواتب موظفيه لكن المالكي ذهب نائبا لرئيس الجمهورية بينما بقيت المخصصات والرواتب مقطوعة، واخطأ ساسة الاقليم عندما تدخلوا في الخلاف الشيعي الشيعي رغم مرحلتيه وتفاهة الكثير من تفاصيله، وأخطأت الحكومة الاتحادية في تقدير حاجات الاقليم وظروفه كما أخطأ ساسة الاقليم في تقدير الظروف الدولية وتوازنات المنطقة،..... يمكن الاستمرار الى ما لانهاية في التذكير بالاخطاء المتبادلة لكن ذلك لن ينفع في شيء ولن يحل مشكلة.

بغداد وكردستان تواجهان تحديات قد تنسف كل شيء، في هذه المعادلة لا يوجد طرف قوي وآخر ضعيف فالتهديدات الراهنة تتجاوز حدود العراق وتعرض مصالح ومستقبل الجميع للخطر والشجاع هذه الايام هو من يقدم على خطوة تفتح بابا الى الحل الذي يكمن جزء منه في التخلص من صناع الازمات او ابعادهم عن مواقعهم اذا كانوا مدللين الى درجة تضعهم في كفة مقابلة لكفة الناس جميعا.

الجليد الذي يغطي علاقات كردستان وبغداد لم يكسره حتى تهديد تنظيم داعش الارهابي للطرفين ولا مئات آلاف النازحين ولاذبح الاقليات وتهجيرها ولا الاقتصاد المهدد بالكارثة ولا ملايين المواطنين الذي يعيشون أزمات يومية، هذه العلاقة غير طبيعية ولا تصح حتى بين بلدين في حالة أزمة فما بالك بين مكونات بلد واحد!!

المسرفون في الاحلام، أصحاب الاصوات العالية والخطط الكبيرة، المتطرفون، تجار الازمات، مستشارو الهزائم، كتبة التهريج بالحكمة الوهمية، أبطال صور الفيسبوك، حملة السلاح أمام الكاميرات، نواب التحريض، كل هؤلاء لايريدون انهاء المشاكل واذابة الجليد لأنهم يعتاشون على المأساة، يجنون أرباحها منذ عقود، تنقلوا عبر الحدود وبين العواصم والاستماع لهم خطيئة لأنهم لايعرفون انتاج أي حل لأية مشكلة.

بغداد وكردستان عليهما عبور مرحلة الازمة، حتى النفط الذي تختصمان عليه يكاد يكون بلا مستقبل في القريب العاجل.

 

ساطع راجي

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket