عن بغداد .. والسيادة والأمن

الاراء 12:19 PM - 2014-10-26
عن بغداد .. والسيادة والأمن

عن بغداد .. والسيادة والأمن

انهاء تهديد داعش لبغداد يتطلب استعادة المدن التي احتلها التنظيم عبر قراءة وتقديرات موضوعية للمؤسسة الامنية وخبراء عسكريين دوليين وليس مزايدات السيادة والوطنية لقوى ترى في تهريب الاموال الى خارج العراق “وطنية “ ! أو قد تجد أن غياب الخدمات قدر العراقيين الابدي ! أو ترى في تسلم عدد من المسؤولين الفاشلين والفاسدين مواقع عليا في الدولة امرا طبيعيا وليس انتهاكا للسيادة . 

أمن العاصمة بغداد مرتبط بشكل فعلي ومباشر بأمن الانبار والموصل وصلاح الدين وديالى صحيح أن البنية الاجتماعية مختلفة نسبيا بين العاصمة وجميع المحافظات لكن هذا الامر لايعني أن التنوع الطائفي والعرقي في بغداد أمر من شأنه المحافظة على العاصمة من الهجمات المنظمة ، بغداد ميدان المواجهة المؤجل الآن ويسعى التنظيم الى انهاكها عبر الجرائم والانتهاكات ومن ثم الاطاحة بها عبر اشعال فتيل الطائفية من جديد .

داعش خطر حقيقي وداهم يهدد مشروع الدولة وغض الطرف عن المشكلة في المحافظات التي احتلها تنظيم داعش والنظر اليها وتقديرها بوصفها مشكلة طائفية سنية أمر من شأنه أن يزيد الاوضاع تعقيدا ويجعل الازمة مفتوحة على جميع الاحتمالات ، وربما يرى البعض أن ما تمر به الدولة هو الأسوأ على مر تأريخها لكن الايام تكشف دائما أن هناك ما هو أسوأ وأخطر .   

تنظيم داعش وكل التنظيمات الآخرى تعبث بامن بغداد منذ سنوات ونفذت خلالهاعددا كبيرا من الجرائم الارهابية من التفجيرات التي راح ضحيتها المئات الى التصفيات الطائفية والاسلحة الكاتمة وعمليات الخطف لكن الخشية الآن من أن تتحول بغداد إلى أنموذج مشابه للموصل أو الأنبار حقيقة لكنها صعبة في الوقت نفسه وذلك لعدد القوات الامنية الكبير وطبيعة التنوع الذي تعيشه العاصمة.

لكن هذه التهديدات غير مستبعدة في حال الاصرار على استخدام الاجهزة الفاسدة لكشف المتفجرات في السيطرات ، وغير مستبعدة والملف الامني أصبح ملفا  تعبث به جهات حزبية مصلحتها الاساسية غياب القانون ،وغير مستبعدة والفساد ينخر بجسد الدولة والمؤسسات،وغير مستبعدة والقادة الأمنيون الذين راهنوا بولائهم للسلطة على حساب المؤسسة يشغلون مواقع عليا في المؤسسات، وغير مستبعدة ونظام التعليم فيها يعيش أسوأ حالاته، وغير مستبعد والقوى السياسية تبدل مواقفها مثل الحرباء والحرباء اجمل .. بغداد علامة المدنية العراقية وضياعها بيد الارهاب يعني ضياع مشروع الدولة الى الابد .

ومن هنا فان المعركة والصراع على بغداد عاصمة “الخلافة”من الناحية التأريخية لها أثرها في استقطاب العناصر الارهابية من كل العالم لعاصمة “الخلافة التأريخية “ لذا فإن التنظيم يخطط وبشكل جدي للاستفادة من قيمة بغداد المعنوية من اجل تجنيد المزيد من العناصر الاجرامية لتنفيذ مخططاته ، ومن هنا فان عناصر داعش توجه الآن وفي الايام القادمة ضربات تستهدف المؤسسات الحيوية والمهمة من الناحية الدينية والاقتصادية والامنية والسياسية من أجل تحقيق المزيد من الفوضى وربما تكون بغداد من الناحية الاستراتيجية للتنظيمات الارهابية هدفا يخطط التنظيم لاحتلالها لكن ليس في هذه المرحلة.

ولعل المفارقة الاهم بشأن تأريخية المدينة تكمن باستقرار المدنية المعاصرة في الموضع التاريخي للمدينة على الرغم من هيمنة قوى الاسلام السياسي ، وأصبحت صورة الجميلات البغداديات والانشطة الثقافية والسياسية جزءاً من الذاكرة المعاصرة لمدينة تعيش على حافة الهاوية ويعبث بها الفقر والحرمان والخراب وشذاد الآفاق والفساد .

ربما يرى البعض بان عتابا من هذا النوع ليس مقبولا في هذا الوقت بالتحديد ، لكن الدفاع عن بغداد ليس عسكريا فقط لان الهجمة ثقافية داخلية وهي من نتاج المجتمع صحيح أن المجتمع العراقي غير مسؤول بشكل كامل عن حجم الخراب لكنه في الوقت نفسه جزءا من المشكلة الطائفية التي تعصف بالمنطقة ، داعش نتاج الحضارة الاسلامية ومن يرى غير ذلك إما يحاول الهرب من الحقيقة أو يرمي بأخطائه على الاخرين ، الانتصار على داعش في معركة مصيرية تتعلق بوجود العراق كدولة يستدعي حزمة من المعالجات والتدابير ليست عسكرية فحسب بل سياسية واقتصادية وثقافية .

في أزمة بغداد والمدن الاخرى هناك مسؤولية تأريخية تقع على عاتق القوى السياسية والمجتمع ترتبط بالمحافظة على أمن بغداد، هل نحن بحاجة الى جنود ؟ أو الى معدات عسكرية متطورة ؟ أو ربما نكون بحاجة الى قوات أجنبية “ دولية “ ؟ أو ربما لانحتاج ، كل الاسئلة تتطلب تقديرات مهنية وواقعية وليست سياسية وبمعزل عن أزمات دول الجوار فيما بينها أو أزمات هذه الدول مع العالم .

 

أزمر أحمد محمد

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket