وحدة الموقف الكردستاني

الاراء 02:35 PM - 2014-10-21
زهير كاظم عبود

زهير كاظم عبود

يمر الإقليم هذه الأيام بظروف صعبة ومعقدة، يتطلب حل عقدها وتفكيكها مزيدا من الحكمة والتعقل والدراية والحنكة في العمل السياسي، وهي صفات جميعها تتوفر عند جميع فصائل العملية السياسية في كردستان، بالنظر للتجربة النضالية الطويلة التي اكتسبتها كوادر تلك الأحزاب والحركات التي تميزت بتاريخ وتجربة مريرة ، وخلال الفترة الماضية كان هاجس وطموح هذه الأحزاب والحركات ترتيب البيت الكردي العراقي، فقد ساهمت جميع الفصائل السياسية في عملية البناء كل حسب قدراته وحجمه، وتحدت اشكالات ومعوقات كثيرة، غير أنها وضعت أمام نصب اعينها نجاح التجربة، بعد أن تحرر الإقليم من سطوة السلطات التي حكمت العراق والكرد بيد من نار وقسوة بالغة، فأحرقت حاضرهم وقتلت رجالهم وخربت مدنهم وقرآهم وأوقفت مستقبلهم وحرمتهم من حقوقهم، فكان لابد من عملية ترميم وبناء يتجاوز الزمن ويحرق المرحلة، فكان ذلك حافزا ودافعا لتوحد موقفها من أجل مصلحة شعب كردستان والذي أختار البقاء ضمن الفيدرالية في العراق كضمان لحياة مستقبلية دون ان يلغي حقه المشروع في تقرير المصير. 

وفي كل عملية بناء لابد من اخطاء وإشكالات، سواء منها داخل البيت الكردي أو في العلاقة مع الحكومة المركزية، وفي سبيل ان يكون هناك موقف موحد قوي ويسهم في رصانة التطلعات المستقبلية لشعب كردستان، ومن هذه المواقف التي ينبغي أن تحسم ويتم العمل عليها بشكل منسجم مع بقية الفصائل الكردستانية المشاركة في السلطة، أو التي تتحمل مسؤولية المشاركة في العملية السياسية، العلاقة التي بدت متشنجة بعض الشيء بين عدد من كوادر حزب الاتحاد الوطني  الكردستاني وبين عدد من كوادر الحزب الديمقراطي الكردستاني، والتي ما كان لها ان تقع لولا التوظيف الاعلامي والاستغلال السيء الذي تتسابق عليه الفضائيات وبعض مواقع التواصل الاجتماعي مع كل الأسف، حيث يتم اظهار وابراز السلبيات والتشنجات بديلا عن التروي والتحاور والمنطق في الاختلاف، فاللجوء الى الحوار مهما صغرت أو كبرت الأشكاليات بين أطراف العلاقة ضروري ومنطقي، وبديل عن إظهار هذا الاشكال أو الاختلاف بالصورة الحضارية يتم وكأنه صراع بين الأطراف، على أنه وفي جميع الأحوال لن تكون المهاترات والتصريحات الإعلامية بديلا عن هذا الطريق الذي لابد وأن يفضي الى توافق مشترك وتذليل لكل سوء فهم او عدم الوضوح كما حصل في التفاهمات الاخيرة، وبالنتيجة أن لاتبقى الترسبات والتي تخلفت نتاج تلك المرحلة طاغية على تلك الضرورة التي يتطلع اليها كل شعب كردستان وليس في كردستان العراق فحسب. 

أن عمل الإقليم واضح ومكشوف، ولهذا فأن ما يترتب على الإقليم هو مصارحة الشعب بحقيقة التحديات الامنية التي حصلت في المناطق المتاخمة للاقليم وقتال القوات الكردية مع داعش والكشف عن السلبيات والايجابيات في هذه المواجهة التي ذهبت ضحيتها الكثيرون ويتوجب اليوم أمام التعاون الجوي الدولي، وبعد أن توفر السلاح والعتاد، أن تباشر تلك القوات التي يجب أن تكون قوة موحدة لايمكن أن تتبع طرفين أو عدة أطراف، ولأن فصائل القوات الكردية من الشرطة والامن وحرس الاقليم جميعها في خدمة الامن الكردستاني اولا وحماية حدود الاقليم والعراق ثانيا، مما يتوجب تعزيزها بالسلاح والعتاد والاليات وتعزيز قدراتها القتالية ايضا، وحتى لاتفقد مصداقية معنى الحماية الحقيقية والمهمة المناطة بها، أن تباشر لتحرير تلك الأماكن التي احتلتها داعش بيسر وسهولة، وليس فقط تطهير سنجار وتلعفر وبحزاني وتلكيف وعلي رش وتيس خراب وبقية المناطق، بالتنسيق والتعاون مع القوات العراقية المسلحة، وبالتعاون ايضا مع فصائل الفدائيين الأبطال المتصدين لقوى داعش ومن معها من أهل تلك المناطق. 

ملفات عديدة يتطلب الأمر ان يكون هناك موقف موحد منها قانون النفط والغاز، وقانون مجلس الاتحاد والمحكمة الاتحادية، وقضية النازحين الى مدن الإقليم، وترصين العلاقة مع الحلفاء والانسجام مع بقية اطراف العلاقة السياسية، والنظر بعين الحكمة لاستقالة أحد الوزراء من حكومة الإقليم، والتي لم تكن دون سبب، والعمل على توسيع إطار العمل الديمقراطي بالاستناد الى القاعدة الشعبية، وهي الأساس والمرتكز الذي طالما وقف جميع الأطراف عليه في نضالها ضد الحكومات الدكتاتورية والاستبدادية، والتمسك أكثر من أي وقت بتوفير وضمان المحافظة على منظمات المجتمع المدني وحقوق الأنسان. 

أن مناطق أخرى من كردستان اليوم تتعرض لإرهاب داعش ومن معها، ولايخفى على قيادة الإقليم تلك الأصابع التي تحاول خنق الصوت الكردي والحيلولة دون منحه الفرصة في الحياة، وقيادة الاقليم تدرك قبل غيرها الحاجة الماسة للموقف الداعم لكل المقاتلين الكرد من اجل الدفاع عن شرفهم وكرامتهم وحريتهم وبلداتهم، وهم يجدون في الإقليم منارا وملاذا وداعما لمواقفهم المشروعة. 

ومن بين أهم المهمات التي توحد الكرد في أقليمهم اليوم الحذر من الخلايا الارهابية النائمة، هذه الخلايا هي نتاج داعش داخل الجسد الكردستاني، الحذر الأمني منها ومن تخريبها، والحذر من تمددها ونشاطها مهما كانت صفتها او شكلها، فهي حتما تريد السوء والشر بكل كردستان. 

ولعل من بين اهم اعمدة العمل الديمقراطي التي يجب ان يعتمدها الاقليم الانسجام في العلاقة بين اطراف العملية السياسية، ووحدة الموقف أزاء الاستحقاقات الدستورية أمام مجلس النواب الاتحادي وأمام الحكومة الاتحادية، على ان يكون العمل المشترك الغاية الأساسية التي يجب اعتمادها إزاء تلك الاستحقاقات، كما أن توحيد الموقف الكردي من شأنه ان يصب في صالح المستقبل الآمن للشعب، ويساهم ايضا في الإسراع بعملية البناء وبحث الملفات الداعمة لعملية البناء، منها مكافحة البطالة واعتماد خطط عملية وعلمية في الاقتصاد، وكلما زاد الانسجام والعمل المشترك في الموقف الكردي كلما اتسعت مساحة الاحترام والتعاطف الدولي مع قضية شعب كردستان. 

أن الموقف الموحد والمنسجم مع جميع الفصائل بات امرا ضروريا، ومطلبا شعبيا تريده الناس بإلحاح، وتتطلع ايضا الى موقف واحد من قضية الحقوق وإيجاد الوسائل والسبل لحل جميع النقاط الحساسة التي تشغل الناس اليوم، وهي نقاط مهمة وتدخل في مفاصل الحياة التي يعيشها المواطن الكردستاني، كما ان خلاصة المناقشات والاجتماعات التي تشترك فيها كافة الأطراف ستوصل الى آلية العمل والمشاركة مع الحكومة الاتحادية التي قدمت مبادرات عديدة لصالح المشاركة وتبديد المواقف والسلبيات التي تراكمت بفعل اسباب قررتها الحكومة الاتحادية السابقة، كان المتضرر منها المواطن الكردستاني.

 

زهير كاظم عبود 

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket