أحد الناجين من مجزرة داعش في قرية كوجو يروي قصة نجاته

کوردستان 02:06 PM - 2014-10-18
أحد الناجين من مجزرة داعش يروي قصة نجاته في قرية كوجو

أحد الناجين من مجزرة داعش يروي قصة نجاته في قرية كوجو

رأيته هالكاً في خطاه، يمشي وهو جريح الساق قاطعاً الشارع من امامي رويدا رويدا، في مدينة اربيل، ادريس بشار أحد الناجين من مجزرة قرية كوجو التي ارتكبتها عصابات داعش بعد سيطرتها على قضاء شنكال وقرية (كوجو)، التي تبعد اقل من 20 كيلومتر من القضاء دخل اليها داعش وارتكب فيها مجزرة جماعية طالت حياة قرابة 400 شخص ناهيك عن اسر اكثر من 750 اخرين اكثريتهم من النساء والاطفال.
تسنى لنا لقاء أحد الناجين من هذه المجزرة الذي وصف نجاته بأنها معجزة.
ادريس بشار يبدأ سرد مجرى الاحداث التي دارت في قرية كوجو قائلا: "تبعد قرية كوجو 20 كيلومترا من قضاء شنكال ويعيش فيها عوائل من الكورد الايزيدية مسالمة، وليلة من الليالي سمعنا حوالي الساعة الثالثة ليلاً دوي طلقات نارية ادركنا دخول إرهابيي داعش القرية، لم ينم اهالي القرية خلال هذه الليلة خوفا حتى الصباح، مع طلوع الفجر تسنى لعدد  من اهالي القرية الخروج من القرية هربا، وبقى اكثرية اهالي القرية، بما فيها سيد القرية (اغا)، قال لنا ان داعش رفع الأعلام على بيوتكم فنحن مسالمون ولا علاقة لنا بكم ما دمتم باقون، ودخلت سيارتين من داعش وتحدثوا مع سيد القرية وطلبوا منا تسليم ما نمتلكه من الاسلحة، وقالوا لنا كونوا متعاونين ونحن لكم حامون، نحن لم نأتي لقتلكم بل قادمون لنبني الدولة الاسلامية في المنطقة ولا دخل لنا بكم (هذا ما قالوا لنا في الوهلة الاولى) وبعد تسليم اسلحتنا قالوا لا بد ان تدخلوا في الدين الاسلامي لان الامارة الاسلامية التي نحن بصدد بناءها لا تقبل اديان اخرى في حدودها، ومنحنا خمسة ايام لنرد على طلبهم هذا، خيم على القرية حزن عميق، قلنا لانفسنا كيف لنا ان نترك دين ابائنا واجدادنا، بعد انقضاء المدة المحددة قدم الى القرية امير جماعة داعش وقال لنا: اصدرت الدولة الاسلامية العفو على جميع الاديان وبامكانكم البقاء في منازلكم وقريتكم، هذا ما افرحنا كثيرا.
في الساعة 4 من فجر يوم 6 من ايلول طوق داعش القرية بشكل محكم ودامت عملية التطويق عدة ايام، في صبيحة يوم 15/9 جاء عناصر من داعش الى القرية ومعهم عدد من الشفلات التي استولى عليها قرب المنطقة مع عدد من قوالب الثلج وجمعوا اهالي القرية وقالوا لنا ما دمتم لم تدخلوا الى الدين الاسلامي سوف نسفركم الى اقليم كردستان، وطلبوا من الرجال جلب ما لديهم من الاموال والممتلكات وطلبوا من النسوة جلب ما لديهن من المصوغات الذهبية وجمعونا في مدرسة القرية (الرجال في الطابق الارضي والنساء في الطابق العلوي) بعد ذلك طلبوا من الرجال تسليم اجهزته (الموبايل) والنقود قالوا لنا ان امسكنا في يد احدكم دينارا سيكون مصيره الذبح، وقالوا للنسوة  اذا ما امسكنا قطع من الذهب مصيركن سيكون نفس المصير ورأيت عجوزا تلبس خاتماً في اصبعها ولم تتمكن من اخراجها فقطعوا اصبعها من اجل اخذ الذهب، وهنا كرروا دعوتهم للدخول الى الاسلام من كبير القرية و قال كبير القرية (نحن على دين اجدادنا كيف لنا ان ندخل الى دين اخر يصعب علينا ذلك) وجاءوا بعدد من السيارات (كيا الحمل) وحملونا على شكل وجبات كل 12 شخصا في سيارة اقتادونا الى اطراف القرية وانزلونا وجبة تلو وجبة على بعد قرابة 50 مترا من مكان الدفن الجماعي وطلبوا منا الركض واطلقوا النار علينا جماعيا وسقطنا ارضا صفا صفا ومن ثم نفذوا بنا طلقات الرحمة واحدة بعد اخر وهم يصورون هذه المشاهد، وكان منفذ طلقات الرحمة قريباً مني، سبحان الذي منحني الحياة من جديد حيث سمعوا اصوات الطائرات وهي تحلق في المنطقة وسمعت من احدهم يقول اتركوهم لنرحل جميعا، وتركوا المكان بعد برهة وجيزة سمعت اصوات ماكنة بلدوزرات ادركت حينها انهم يحاولون دفن الضحايا جماعيا في مواقع اخرى، خرجت من بين القتلى ودحرجت نفسي الى ان اصبحت على بعد عدة امتار واخفيت نفسي في بستان وفي نفس الوقت سمعت صوت 4 طلقات منفردة قالو فيما بعد انهم قتلوا كبير القرية امام الانظار، في الوقت الذي انزف دما من جرحي كنت اتمنى لو امتلك سلاحا واقتل 2 داعشياً لا يهم موتي بعد ذلك.
عندما كنت في البستان شعرت بالعطش واكلت طماطة واحدة او طماطتين وحصرت مجموعة منها في قنينة كي يفيدني في العطش وبدات ازحف بعيدا عن مكان الحادث باتجاه قرية (بسكي الجنوبي) التي تبعد عن قريتنا قرابة 20 كم قطع هذه المسافة زحفا، وكان في القرية اناس اعرفهم، بعد الوصول طلبت منهم ان يقدمون لي عونا لكن خوفا من وجود داعش رفضوا قبولي وقالو لي لا يمكننا ايوائك ووجودك يشكل خطرا علينا وجاء 4 رجال حملوني على بطانية وكأنني ميت بعيدا عن قريتهم، وحوالي الساعة 2 ليلا اشفق علي شاب من القرية دون علم والده قدم لي قطعة من (الركية) وأعطاني موبايل كي أتمكن من الاتصال بأحد، وخابرت احد اصدقائي وهو عالم بالموقع الذي انا امكث به حوال الساعة 4 سمعت صوت عجلات السيارة حينها ادركت ان صديق جاء لعوني وحملني الى منزله حيث كان مزدحما ويتواجد فيه قرابة 50 شخصا، قال لي ان اكثريتهم يتبعون جماعة داعش ارجو ان لا تنطق بكلمة لانهم يعرفون لهجتكم الايزيدية وقال لي لا اتمكن من ايوائك اكثر من 3 ساعات وبعد برهة من الزمن جاءت سيارتين من داعش واخذتني الى عش (الدجاج) بغية اخفائي، من هنا خابر رجل من عشيرة عكيلات اعرفه ايضا وجاء ونقلني الى بيته وكان وضعي يتدهور بسبب الجروح التي اصبت بها حيث اصبت باربع طلقات في فخذي ورجلي ولا زالت طلقة باقية في فخذي حتى الان، بعد ان عرف بان وضعي يتدهور اكثر قال لي لابد ان انقلك الى مستشفى في الموصل حيث تبعد من المنطقة التي نحن فيه حوالي 300 كم وبالفعل وصلنا الى مستشفى الطواريء في مشفى الجمهوري في الموصل وبعد اجراء كشف على جرحي وعرفني بأني من جماعة داعش حيث اصاب رتل من هذه الجماعة لقصف من قبل قوات البيشمركة غرب دجلة، ونقلوني الى ردهة المستشفى، وهنا اذكر شينا ان امير داعش جاء الى الردهة وقدم لكل من جرحى الجماعة 100 دولار وقدم لي ذلك ايضا ظنا منه بأني من جماعته لكن رفضت ذلك، ثم بدأت رحلة العودة الى حيث جئنا على الحدود السورية خلال مسيرة العودة صادفنا ليلا مفرزة قلنا هذه المرة سوف لن نفلت منهم فكرنا بالرجوع لكن قربنا من السيطرة اربكنا من ذلك قلنا اذا عدنا سوف يطلقون النار علينا ناقشنا المسألة فيما بيننا فقال صديقي فلنتوكل على الله ونمضي، ومضينا في السير حتى وصلنا الى السيطرة ما صادفناه بان الواقفين هم دمية نصبوها لتخويف المارة، وبعد بقاء في الفراش لمدة 12 يوما في يوم من الايام قال لي صديقي لا بد ان يداويك المضمد الموجود في مشفى المنطقة وحملني بالسيارة وقبل وصولنا الى هذه المستشفى قصفت طائرات المنطقة واصيب الصديق بجروح من القصف وسيارته لحقت بها بعض الخسائر.
وبقيت في الفراش لمدة اكثر من 20 يوما وقال لي صديق سوف انقلك الى اقليم كردستان بهذا الخبر سررت كثيرا، في فجر احد الايام قال لي استعد سوف نسافر الى المناطق الآمنة في كردستان وبدأنا المسيرة ونقلنا من خلال 12 نقطة تفتيش لجماعات داعش وأرواحنا على أيدينا .
عن المواقع التي تم دفن اهالي كوجو فيها قال: تم قتل ودفن اهل كوجو في اربع مواقع في اطراف القرية واذكر اسماء المناطق عسى ان يأتي يوما ويتم اعادة فتح المقابر وإعادة جثامينهم:
 1. مزرعة عباس القاسم
2. مزرعة احمد كارتي
3. الطرف الشرقي من القرية
4.صور القرية
 وتم قتل كبير القرية داخل القرية قرب مكان إقامته، وعن عدد ضحايا قريته قال: كان يعيش في كوجو قبل الحادث حوالي 1120 شخصا كما اسلفت تم قتل 6 منهم واسر 125 في بداية الحادث وفي عملية التي نجوت منها قتل جماعات داعش حوالي 330 شخصا وما تبقى من اهالي القرية وعددهم 725 من النساء والاطفال والعجزة فقد تم اسرهم ونقلهم الى رقة في سوريا و تلعفر والموصل حيث يسيطر الداعش عليها.
وعن ممتلكاته قال تم استيلاء على ما املكه من قبل جماعة داعش واحرقوا حاصدة وساحبة واخذوا حيواناتي وطيوري الداجنة ولم يبقى لي شيئاً وحتى ما البسه هذا (حيث اشار الى دشداشته) منحني الناس ارجوا من حكومة اقليم كردستان العمل من اجل اعادة نسائنا وبناتنا لانهن شرفنا نحن الازيديين.
 *ادريس بشار سلو قتل في عائلته 6 اشخاص ومن اقاربه 20 شخصا وهو الان لا يملك شيئا من ماله وممتلكاته.
* ادريس بشار من مواليد 1970 وهو من ايزيديين الكرد الذين تعرضوا الى الابادة على يد داعش في قرية كوجو ويسكن حاليا قصبة باعذرا القريبة من دهوك ذات الاغلبية الايزيدية.

PUKmedia فؤاد عثمان/ أربيل

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket