الشريك في الجريمة الدولية

الاراء 12:27 PM - 2014-10-16
زهير كاظم عبود

زهير كاظم عبود

بعد التهديد الذي واجهته قطر من دول خليجية بسحب سفرائها، والتهديد باللجوء الى خطوات أخرى،  ومطالبتها بتخفيف دعمها للتنظيمات الإرهابية، قامت قطر بذر الرماد في العيون بطلبها من عدد من أعضاء التنظيم الإرهابي للإخوان المسلمين مغادرة البلاد، هذه الخطوة ربما تكون قد اقنعت بعض الدول الخليجية للتخفيف من موقفها ضد قطر.

أن قطر ليس فقط تجمعا لجماعة الإخوان المسلمين التنظيم الإرهابي المعادي لشعب مصر وتطلعاته نحو المستقبل، بل كانت ولم تزل مكبا لكل المتآمرين والإرهابيين في المنطقة، وكأن السياسة القطرية تريد أن تؤكد انها تعاكس المنطق والمقبول  وتوغل في افعالها المخالفة للقوانين، وكأن قطر تريد أن تبرهن على دور كبير يتناقض مع حجمها من خلال تبذير الثروات التي تردها من انتاج الغاز الطبيعي على تلك الجماعات، ولعل دعم قطر لمجموعة حزب البعث العراقي وقيامها بإيواء عدد من قياداته الإجرامية، وكذلك  باحتضانها المؤتمرات والتجمعات المتآمرة على العراق وسوريا ومصر وليبيا وتونس دليلا أكيدا على أنها تريد ان يكون لها شأن في عملية التخريب والقتل والتآمر الذي تنهجه هذه التجمعات. 

والجريمة الدولية تعني كل فعل محظور او سلوك يقع تحت طائلة القانون الدولي ويحدث ضررا بليغا بالأشخاص او المصالح  التي يحميها القانون، وهذه الجريمة لا تتقادم ولا تسقط  ولا تمنح مرتكبيها الحق في الحصانة  ولا تمنحهم حق العفو، وتدخل فيها أعمال القتل والإبادة والاسترقاق والابعاد  وجرائم الحرب والاضطهاد الديني او السياسي. 

وأعتبر القانون الدولي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والجرائم ضد السلم وجرائم الإبادة الجماعية  وجرائم العدوان جرائم خطيرة يجرمها القانون الدولي، ويلاحق مرتكبيها ومن تعاون معهم او اتهم بأفعال المشاركة لتنفيذ تلك الأفعال، وتخضعهم للمحاكمة والعقوبة المقررة قانونا، بالإضافة لما يلحقهم من عار الجريمة . 

كما أن اتفاقية روما التي اصدرت قانون المحكمة الجنائية الدولية وضعت لها اختصاص للنظر في مثل تلك الجرائم.

الشراكة في الجريمة يجعل مفهوم الاشتراك أو التواطؤ من الفرد أو المجموعة أو الدولة  مسؤولاً من الناحية الجنائية نتيجة أفعال الآخرين. وقد تشمل عملية الاشتراك في ارتكاب الجريمة مساندة الجاني والتآمر معه. يعني هذا ان الجريمة ارتكبت من قبل شخص آخر الا ان الشريك قام بمعاونة الجاني بمده بالسلاح أو بالمال أو بأدوات الجريمة أو قام بتحريضه في عملية ارتكاب الجريمة، وتمت الجريمة بناء على هذا الفعل.

فاذا كان المجتمع الدولي يرى ان تنظيمات داعش والقاعدة والاخوان المسلمين وجماعة حزب البعث المتحالف مع القاعدة وداعش  وغيرها من التنظيمات الإرهابية التي تمارس عمليات القتل الممنهج بإصرار وتعمد بحق الشعوب، وانها ترتكب افعالا يطالها القانون الجنائي الدولي، فان الشريك في هذه الجرائم يستوجب أن يكون ضمن عمليات التحقيق والمساءلة القانونية. 

ان هذه الأفعال الاجرامية المرتكبة من قبل الجماعات الإرهابية تستوجب ليس فقط ملاحقة المرتكبين وايقاع العقاب القانوني عليهم، انما كشف  حقيقة من يمولهم  ويسهل لهم ويساعدهم ويحرضهم على ارتكاب مثل هذه الجرائم، مع اننا ندرك بأن التحقيقات والمحكمة الجنائية الدولية غير متحررة من الهيمنة السياسية من قبل دول عظمى تلعب دورا خطيرا في المنطقة.  

ووفقا لاتفاقيات جنيف فان احترام القانون الدولي الإنساني موجب وملزم على كافة الدول، وبالتالي فان انتهاك قواعد هذا القانون يحقق المسؤولية الجنائية، وبالتالي يضع المسؤولين عن تلك الدولة يتحملون بصفتهم الشخصية العقوبة التي ينص عليها القانون الجنائي الدولي وفقا للفعل المرتكب من قبلهم. 

وفي الوقت الذي يتعامل فيه القانون الجنائي الدولي بصرامة بحق مرتكب الجريمة الدولية لما يؤثر على مناحي الحياة الإنسانية، ولما يتركه من آثار  وجروح عميقة في النفس البشرية، فان المنطق يقضي بأن يتم شمول الشريك في هذه الجرائم، لما تشكله افعال جنائية يذهب ضحيتها عشرات الالاف من البشر، نتيجة اعمال القتل والذبح والقوة والإرهاب التي تمارسها تلك الجماعات بالتعاون مع مسؤولين ودويلات لم تجد لها رادعا او تعاملا قانونيا سليما، مما أسهم في ايغالها عميقا في تلوثها بدماء العراقيين والسوريين والليبيين والمصريين ، وحتى تكون صفحة ناصعة من صفحات الحياة الإنسانية تلزم الدول على عدم توظيف اموالها وقدراتها في سبيل قتل الانسان، مهما كان دينه او قوميته او جنسه.  والشراكة في الجريمة تجعل الشريك فاعلا اصيلا في العديد من الحالات، وفي كل الأحوال ستبقى يده ملوثة بالدماء  ولن تستطيع لا الدول التي يتحالف معها او من يضفي عليه الحماية أن تغسلها.

 

زهير كاظم عبود

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket