عالجوا الأسباب وليس الرواتب فقط

الاراء 03:51 PM - 2014-10-02
حسين فوزي

حسين فوزي

ليس قطع استحقاقات الإقليم، وعدم استلام الموظفين والمتقاعدين والمستفيدين من نظام الرعاية الإجتماعية لحقوقهم، وتداعي القدرات الشرائية لمواطني الإقليم، وانحسار الطلب على السلع عدا ضروريات الحياة، هذا التقشف المفروض كله من معطيات الخلل في العلاقة بين الحكومة الإتحادية والإقليم، وهو خلل ممارسة العقوبات الجمعية ضد كردستان، الحرب غير معلنة وغير شرعية بغض النظر عن كل المبررات.

إن ما يعانيه مواطنو كردستان يؤشر حقيقة بالغة الخطورة وهي ان اية طموحات في ظروف غير مؤاتية، بل الأصح ان توتير العلاقة مع بغداد لن يكون في كل الأحوال في مصلحة شعب كردستان، تماماً مثلما أن توتير بغداد علاقتها مع الإقليم يعني وأد طموحات الجنوب والوسط.

وبالطبع فان من الأخطاء الجسيمة التي الحقت ضرراً باهلنا في كردستان و”اطلقت” العنان لعسكرة المجتمع في بغداد وبقية ارجاء العراق، الخطاب المتشنج للسلطة التنفيذية، ورموزها الرئيسة: رئيس الوزراء السابق ونائبه، بجانب بعض المتحدثين غير المسؤولين ممن يحاولون استرضاء “ولي الأمر” والمزايدة.

إن الحديث عن صرف رواتب موظفي الإقليم لايعني شيئاً في رسم سياسة الدولة، فهو مجرد اجراء تنفيذي منعزل ما لم يتم تغيير جذري في اسلوب تعامل بغداد مع اربيل، وتشخيص اربيل بأن الدولة العراقية الحالية كيان دستوري وقانوني وسياسي “ملزم” دولياً، وقبله ملزم “محلياً”. كل شيء بين أطراف هذه الدولة ينبغي ان يتم بالتشاور وصياغة قرارات مشتركة، سواء اكانت لتعزيز وشائج الدولة الإتحادية أو “تفكيكها”، في ظل حقيقة ساطعة هي ان كل الظروف ليست مواتية بعد لإقامة دولة كردستان الكبرى ونواتها كردستان العراق.

ينبغي وعي مسؤولي بغداد وكردستان أن الشرخ في علاقتهما يعني عملياً فسح المزيد من المجال لقوى متعددة، كان بعضها مفاجآة ليس للطرفين فقط بل حتى للحلفاء الكبار، واشنطن ولندن. ولكي لانكرر ما عشناه جميعاً منذ نهاية عام 1961، بكل خسائر الموارد والطاقات والأرواح، من الضروري المبادرة إلى صياغة علاقة واضحة شفافة تعتمد رؤية معاصرة للعلاقة بين مركز السلطة الاتحادية وبقية الدولة، ليس الإقليم وحده بل حتى المحافظات، بدءاً من البصرة المظلومة المحلوبة دوماً، مروراً بمحافظات ينهشها غياب فرص العمل وتطوير البنى التحتية لمحافظة المثنى، ومعاناة ذي قار وميسان. وهي امور ادت إلى ارضية صالحة لأية مليشيات لولا بعض جهود المسؤولين المحليين.

الأصل اليوم ليس دحر داعش وحدها، وليس مشاركة المحافظات الغربية في الحكومة، إنما المشاركة في القرار، يعني سلطة الجميع لخدمة الشعب، وليس سلطة بسماركية، لذلك فأن مطالب قوانين المجلس الاتحادي وعدالة توزيع الموارد والنفط والغاز، والمحكمة الاتحادية لدولة مدنية، وقانون الأحزاب، واستكمال المادة 140 بجدية واخلاص، واحترام خصوصيات المناطق المتنازع عليها ومن ضمنها كركوك، من كل الأطراف ونبذ المزايدات، الطريق العملي للخروج من أزمتنا الحالية، ضمنها الاحتلال الظلامي، ومنع تكرارها..

 فهل من رؤية استراتيجية عربية كردية ديمقراطية بعيداً عن المزايدات والمكاسب الحزبية الضيقة؟!؟

 

حسين فوزي

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket