دراسة الإشكالية القائمة بين حكومتين في بلد واحد

ادب و فن 03:38 PM - 2014-10-01
دراسة الإشكالية القائمة بين حكومتين في بلد واحد

دراسة الإشكالية القائمة بين حكومتين في بلد واحد

يهدف كتاب “العلاقة بين الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية في النظم الفيدراللية (دراسة حالة العراق)” للباحث الكردي بلند شالي، في مبتدئه، وبرؤية أكاديمية الى توضيح خصائص النظام السياسي العراقي عن طريق تبيان وبيان العلاقة الدستورية بين الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية، وتحديد اختصاصات تلك الحكومات والمحافظات غير المنتظمة في اقليم وفقاً للدستور العراقي، بالاضافة الى مدى التزام الحكومات برمتها ببنود الدستور، الذي توافق الجميع على اقراره،  لا سيما في بلد متعدد الأعراق والمذاهب والأثنيات والقوميات.
الكتاب الذي أصدره “مركز كردستان للدراسات الاستراتيجية في السليمانية، يشخص عبر مصادر أجنبية وعربية وكردية كثيرة ولقاءات مباشرة من الباحث مع قيادات سياسية وعسكرية في اقليم كردستان والعراق، يشخص أصل المشكل في توتر العلاقة بين الحكومتين، من جراء تسليط الضوء على التطورات والاضطرابات التي رافقت جدوى وديمومة العلاقة أو مشاكل العلاقة بين حكومة أربيل وحكومة بغداد وتاثيراتها الواضحة، سلباً، على طغيان ايجابية العلاقات السياسية والاقتصادية معاً، مما أدى بالفعل الى تهدور جل المفاصل جراء تلك العلاقة غير المنتظمة وفقاً للدستور أو الاستناد الى دستور غير معول عليه إلا وفق أمزجة شخصية في نهاية المطاف أو في أسوأ حالاته، ففي  الدولة البسيطة بوحدتها السياسية والدستورية والتشريعية تكون سيادة الدولة موحدة من الناحيتين الداخلية والخارجية، بالمقابل تكون موحدة في تركيبتها من حيث تنظيم السلطة السياسية وموحدة في الوقت عينه في حدودها الاقليمية وتركيبة العنصر البشري، ولكن وفق الكتاب يظل الاشكال قائماً في انموذج العراق.
يبحث كتاب “العلاقة بين الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية في النظم الفيدراللية (دراسة حالة العراق)” في خفايا مشاكل العراق العالقة بين حكومتين: اقليمية واتحادية، والدراسة بحسب المؤلف شالي تندرج في اطار “دراسات فرع الحكومات المقارنة في علم السياسة باعتبارها ترتكز على إحدى مكونات النظام السياسي الداخلي وهي الحكومة التي تعتبر أقوى مؤسسة في المجتمع الحديث”، محيلاً ذلك الى تلكم التأثيرات التي من شانها أن  تدخل في عموم مفاصل ومجالات الحياة في الدولة، كإشكال قائم ومستفحل مما يفضي الى تهدور حالة الدولة خارجياً وداخلياً.
يركز الباحث الكردي بلند شالي في كتابه هذا، على أهمية الفيدرالية كنظام سياسي وليس كشكل محتفى به ضمن اطار الدولة، فليس بالضرورة أن تكون الفيدرالية على نمط واحد في كل زمان وكل مكان، ومن الممكن اكتساء بعض الخصوصية بين بلد وآخر في هذا المنحى، ثم أن العراقيون آمنو بالفيدرالية كحقيقة دستورية مع اختلافهم في تفاصيل وخطط تطبيق أسس الفيدرالية، من حيث توزيع الصلاحيات والاختصاصات بين مستويات الحكم المختلفة في محافظات العراق وعلاقة بغداد المتوترة بتك الأقاليم والمحافظات.
يشير الباحث شالي الى أن وجود اقليم كردستان كاقليم واحد في العراق، يعتبر حالة فريدة في النظم الفيدرالية العالمية، وبهكذا فان الإقليم ذاته يمارس سلطات محلية من جهة ويمارس سلطات اتحادية من جهة اخرى في تطور لواقع موجود فعلياً في العراق الاتحادي الجديد.
يمنح الباحث الصديق بلند شالي في كتابه الأكاديمي هذا، حيزاً واسعاً لتسليط الضوء على الجوانب الاجتماعية والثقافية والتاريخية للفيدرالية في العراق منذ نشأته كدولة حديثة، اضافة الى العلاقة الدستورية التي تنظم العلاقة بين الحكومة الاتحادية في بغداد والحكومات المحلية وفقاً لدستور العام 2005، أي دراسة الواقع من حيث الاطار الاجتماعي والثقافي والتاريخي لنشأة الفيدرالية في العراق والأسس الدستورية للعلاقة بين الحكومتين، من حيث القيادات العسكرية والأطر العسكرية المختلفة في الجيش وقوات البيشمركه، والاشكالية الموجودة في المواقف المرتبطة بالقضايا الخارجية والاقليمية لكلا الحكومتين في تضارب واضح لتلك المواقف، في بلد متعدد الأعراق والقوميات في ظل سيادة دستور غير واضح يلفه الغموض على الداوام لتكون القاضايا شائكة ومعقدة أكثر وتتطلب آماداًَ طويلة بانتظار الحلول وباتنظار توافقات سياسية ومحاصصات عرقية مختلفة في واقع كان ظلاماً ودخل ساحات النور من بوابات صعبة بعد معاناة طويلة لشعب تحمل صنوف المعاناة والقتل والتهجير وباتت أرضه مرتعاً للمقابر الجماعية بدلا من ضخ آبار النفط، كأرض سواد، طالما انتظر العراقي الاستفادة من ثرواته الطبيعية فظلت أعينه متطلعة الى الأمل فيما الموت والأسى يأكل من اكتافه ومن أحلامه.


فتح الله حسيني

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket