الرئيس معصوم: لا خيار للعالم سوى دحر الارهاب

العراق 02:47 AM - 2014-09-27
الرئيس فؤاد معصوم

الرئيس فؤاد معصوم

شارك رئيس الجمهورية فؤاد معصوم في إجتماعات الدورة ٦٩ للجمعية العامة للأمم المتحدة التي عقدت في مقر الأمم المتحدة في نيويورك اليوم الجمعة ٢٠١٤/٩/٢٦ وألقى الرئيس معصوم كلمة العراق في الاجتماع، وفي ما يلي نص الكلمة:

“السيد رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة،

السيد الأمين العام،

السيدات والسادة

أُحييكم بإسم العراق، وأتقدم بالتهنئة للسيد سام كاهامبا كوتيسا لانتخابه رئيساً للدورة التاسعة والستين للجمعية العامة

فنرجو لسيادته ولزميله الموقر الأمين العام كل النجاح في هذه الدورة.

كما أتقدم بخالص الشكر للسيد الأمين العام لدوره حيوي خلال السنوات المنصرمة في دعم وتعضيد مسيرة بلادي، وهذا يشكل مصدر اعتزاز وتقدير دائمَين لنا ولشعبنا.

ايتها السيدات والسادة..

قبل ١٤ عاماً التزم قادة الدول بتحقيق أهداف التنمية بحلول عام ٢٠١٥، مركزين على قضايا ما تزال حيوية، وفي مقدمتها التنمية الاجتماعية والاقتصادية، فضلا عن أهداف حماية السلم والأمن الدوليين، وايقاف سباق التسلح ونزع السلاح، والتخلص من أسلحة الدمار الشامل التي بات اسمها يبث الذعر لدى الجميع، ومكافحة الارهاب والجريمة المنظمة المنتشرة، وضمان حقوق الانسان، والتنسيق الفعال لجهود المساعدة الانسانية، وتعزيز العدالة والقانون الدولي.

في هذا السياق نود أن نذكركم بتجربتنا المريرة كضحايا لاسلحة الدمار الشامل في حلبجة، المدينة الكردية الآمنة، التي قصفها النظام الدكتاتوري البائد بالأسلحة الكيمياوية عام ١٩٨٨.

إن هذه المناسبة تُعبّر عن قيمة وجود المنظمة الدولية في عالمنا المعاصر وما أدته من مهام، كما انها مناسبة لإطلاق المزيد من المبادرات الهادفة الى تسوية النزاعات بالوسائل السلمية وتوسيع آفاق الحريات وحقوق الإنسان، ومواصلة العمل لتحقيق المساواة، خصوصاً وأننا سنحتفل العام المقبل بالذكرى الأربعين لمؤتمر بكين، الذي شكل منعطفاً تاريخياً في السعي إلى تعزيز حقوق المرأة و مواجهة شتى انواع العنف الذي تتعرض له.

إضافة إلى تعزيز جهود حماية كوكبنا من التلوث والعمل على إيجاد بيئة نظيفة وحياة صحية، ومكافحة مشاكل الفقر والأمية.

السيدات والسادة..

كان نجاح القوى السياسية في العراق قبل أسابيع في تشكيل حكومة وحدة وطنية تُمثِل الجميع أمراً في غاية الاهمية.

فهي حكومة يشعر الكل أنها تمثلهم وأن برنامجها يلبي طموحاتهم، وأملهم في الانتقال بالدولة الى مرحلة جديدة من الاستقرار والبناء والتقدم داخلياً. والتأسيس لعلاقات جيرة وتفاهم إقليمي يضمن السلم في المنطقة وتعايش دولها على أسس المصالح المشتركة وحسن الجوار.

لقد كان تشكيل هذه الحكومة رداً صارماً لخطر حقيقي يحدق بنا جميعاً وهو خطر (داعش).

لقد حولت هذه المجموعة الشريرة العمل الإرهابي العالمي من هجمات متفرقة ضد المدنيين العزل إلى مستوى جديد ومرحلة جديدة.

فقد تمكن من احتلال مساحات في أكثر من مدينة من مدن العراق والجارة سورية، وأعلن عن تأسيس دولة قائمة على الحقد والكراهية ورفض الآخر.

شهدنا في الأشهر الماضية كيف ارتكب هذا التنظيم الارهابي أبشع الجرائم ضد الانسانية من قتل وتهجير وإبادة جماعية وتطهير عرقي طالت جميع مكونات الشعب العراقي من خلال المجازر المروعة، وخطف النساء وبيعهن كسبايا، وهدم المراقد الدينية ودور العبادة والصروح الثقافية والتاريخية، واضطهاد المكونات على أساس هويتها الاثنية كالتركمان والكورد واستهداف الاقليات الدينية والمذهبية من الإيزيدية والمسيحية والشبك.

نشكر الكثير من أحرار العالم الذين عبّروا عن استهجانهم ورفضهم لهذه الجرائم والتضامن مع الضحايا وتقديم يد المساعدة لهم.

أن هذا التنظيم الإرهابي يتمتع الآن بإمكانات مادية وعسكرية كبيرة.

وبإعلانهم لدولة الخلافة الاسلامية المزعومة أصبحت داعش بؤرة لجذب المتشددين والمتطرفين في الشرق الأوسط والعالم.

وباتوا يعلنون مبايعتهم لهذا النظام الظلامي تباعاً والعمل تحت إمرته. ولعل من أخطر مؤشرات هذا التحول هو ظهور جيل جديد من الارهابيين من حملة جنسيات اوروبية وامريكية ومناطق أخرى.

لقد نجحت القوات المسلحة العراقية والبيشمركة ومتطوعو الحشد الشعبي في إيقاف داعش من التوسع واحتلال مناطق جديدة.

كما نجحنا في تحرير مدن كان قد احتلها ارهابيو هذه المنظمة الخطيرة.

وتمكننا من فك الطوق عن مدن أخرى كانوا يحاصروها. وكان للدعم الانساني الكبير والدعم العسكري الذي تلقيناه من منظمات الأمم المتحدة ومن الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوربي ودول صديقة أخرى دوراً حيوياً في التصدي لهذه الزمرة الارهابية الظلامية.

وهذا الدعم الذي لن ننساه أكد لشعبنا انه ليس وحده في حربه مع الارهاب. وهنا أعّبر عن شكري وامتنان شعب العراق بجميع مكوناته وتقدير حكومته لمن وقف ويقف معنا في هذه الحرب ضد أعداء الانسانية الاشرار.

نؤكد أيضاً شكرنا للجهود التي بذلت في إنجاح مؤتمري جدة وباريس، وكذلك القرار الأخير لمجلس الأمن ، في تحقيق التضامن والشراكة في مواجهة الإرهاب وتحدياته للجميع.

السيدات والسادة..

ونحن نجتمع هنا، يتطلع الى هذا الجمع الهام مئات الآلاف من النازحين والمُهجّرين الذين اُجبِروا على ترك بيوتهم دون أن يأخذوا معهم ابسط ممتلكاتهم. ويتطلع الينا الملايين من المدنيين العزل الذين أُرغموا على البقاء تحت جور وطغيان إرهابيي داعش.

فحمايتهم وتخليصهم مسؤوليتنا جميعا.

هنا ندعو المجتمع الدولي إلى الوقوف بجانبنا في هذه الحرب، وإلى دعم جهودنا وجهود المنظمات الدولية والدول الصديقة في تقليص معاناة اللاجئين الذين ما زالوا يتطلعون بفارغ الصبر الى العودة الى ديارهم والخلاص من داعش.

إن هذا التنظيم أصبح عابراً للدول والقارات، ونؤكد هنا أن القضاء عليه لا يتم إلا بتحقيق جبهة عالمية موحدة متعاونة لاتخاذ التدابير الكفيلة بمحاربة النهج التكفيري وتجفيف جميع منابعه المعرفية والمالية والتنظيمية والعسكرية.

نحن في العراق مصممون على تطهير أرضنا منهم، ونؤكد لكم أن القضاء على الارهاب في العراق سيكون خطوة مهمة من اجل حماية المنطقة و تخليص العالم من هذا الخطر.

نشيد هنا بقرار مجلس الأمن المرقم ٢١٧٠ والصادر في شهر آب الماضي الذي دعا الدول الاعضاء إلى منع دعم وتمويل وتسليح إرهابيي داعش وجبهة النصرة والكيانات الاخرى المرتبطة بتنظيم القاعدة كافة ومنع تدفقهم إلى العراق.

ونشيد أيضا بقرار مجلس حقوق الانسان لإدانته تنظيم داعش، وتشكيله لجنة لتقصي الحقائق بشأن الجرائم ضد الانسانية التي ارتكبها التنظيم بحق كل العراقيين.

وفي سياق هذا الموقف الدولي المتنامي ضد الارهاب وفيما نؤكد على أهمية تعزيز قيم وثقافة السلام والتعايش في البلدان والمجتمعات متعددة الاثنيات والمذاهب، فإننا في العراق ندعو إلى أن يأخذ هذا الموقف المسؤول ضد الارهاب في كل العالم إطاراً مؤسساتياً مرتبطاً بالأمم المتحدة، وتكون مهمته تفعيل وتطوير التضامن الدولي بكل السبل المتاحة من أجل محاربة الارهاب بجميع أشكاله وتخليص العالم من شروره.

نؤمن أيضا أن الوقت مناسب للعمل المشترك بين بلدان المنطقة في نزع فتيل الأزمات الأمنية والوصول إلى تفاهمات وطنية تساهم في تضييق المساحة أمام الإرهاب الذي يعتاش على الأزمات والخلافات.

لقد أرسلت لقاءات جدة و باريس ثم نيويورك رسائل إسناد مهمة للشعب العراقي بكل ما ورد فيها من خطب و تصريحات وقرارات، وكلنا امل ان تُترجم الى اجراءات عملية.

السيدات والسادة..

من المؤلم فعلاً ما تعرض له الشعب الفلسطيني الشقيق في غزة وغيرها من الأراضي الفلسطينية مؤخراً.. نجدد دعوتنا إلى المجتمع الدولي للوفاء بالتزاماته تجاه الشعب الفلسطيني وبذل جهود مكثفة لإحلال السلام والعودة إلى طاولة المفاوضات لإنهاء الصراع جذرياً وتحقيق السلام والأمن.

نتمنى لأشقائنا في اليمن وليبيا الاستقرار والتخلص من تهديدات الارهاب والتطرف ومن ثم التقدم في المسار الديمقراطي الذي اختاره الشعبان الليبي واليمني.

كلنا أمل في أن يتجاوز الشعب السوري الشقيق محنته وأن تتوحد جهود جميع السوريين من أجل حل سياسي يحقن الدماء و يحفظ الحياة، ويحقق الديمقراطية للجارة سوريا والأمن والسلام لمنطقتنا.

إن استمرار التوتر في هذه البؤر في منطقتنا عامل داعم دائما للتطرف وللفكر الظلامي المتشدد.

وكل هذا وسواه يدعونا جميعا إلى العمل المشترك من أجل تسريع البحث عن حلول للمشاكل وتساهم في خلق مناخ إنساني قائم على التمدن والحضارة والحرية.

وبشأن الوضع في أوكرانيا، نعرب عن قلقنا من التصعيد الخطير، ونرى أنه لا يمكن للمجتمع الدولي أن يسمح بتفاقم الصراع وعواقبه الوخيمة على المدنيين سواء النازحين أو المرغمين على العيش في مناطق النزاع.

السيدات والسادة..

إن العراق مهتم بالنتائج التي توصل إليها الفريق العامل المعني بوضع أهداف التنمية المستدامة في تقريره، ونرى أن هذه النتائج خطوة مهمة وعمل جدير بالتقدير وبتثمين الجهود التي بذلها الفريق.

إلا أن موضوع الارهاب، بكافة صوره وأشكاله، لم يأخذ الحيز الذي يستحقه في تقرير الفريق. وكان من المهم أن يتناول التقرير هذا التحدي كهدف قائم بذاته، ويستعرض جوهره وتجلياته وأسبابه وعواقبه وسبل التصدي له.

السيدات والسادة..

لقد مضت البشرية قدما في عصرنا هذا باتجاه تعزيز الشراكة الانسانية ونحو تعزيز فرص السلام والحرية وحقوق الانسان ورفاهه وامنه..

أقف أمامكم ممثلاً لبلد انهكه الارهاب طوال عقد من الزمن. وأقول لكم بإسم الملايين من ذوي الشهداء واليتامى والثكالى بأنه لا خيار لاي منا اليوم سوى دحر تنظيم (داعش) في كل مكان و أن ننظر إلى المستقبل برؤية وإرادة تساعدان على تحرير مجتمعاتنا من هذه المخاطر التي ما زالت تهددنا.

شكراً

زور سوباس.

 

PUKmedia  نيويورك

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket