الحرب الرابعة.. المقبلة

الاراء 02:42 PM - 2014-08-31
الحرب الرابعة.. المقبلة

الحرب الرابعة.. المقبلة

يبدو ان العراق مقبل على حرب رابعة، تنْضمّ الى الحروب الثلاث التي كان صدام حسين قد ابتدعها وخاضها ضد ايران والكويت والعالم قبل ان ينكفئ الى المزبلة، لكنها حرب ليست كباقي الحروب في المقدمات والاختصاص والوظيفة والملعب، يكفي القول بان ردود الافعال المنددة على تحضيرات هذه الحرب تدور في هوامش ضيقة، مسبوقة بترخيص واضح من الامم المتحدة وباصطفاف في مجلس الامن لا سابق له منذ عقود، فيما تطالعنا ارقام المليارات التي ستكلف الالة الحربية الامريكية والاطلسية التي تُرصد بسخاء لتضاعيف هذه الحرب التي يقولون انها ستستمر لسنوات، وقد تنتقل الى ميدان اخر.

لكن لماذا بدأ الغرب، فجأة، يتحسّب للارهاب الذي أهمله طوال سنوات وتركه الى هامش الاولويات، وغض عنه الطرف في ساحات وانشطة كثيرة، بل وقدم له دعما وغطاء، كما في سوريا؟ ولماذا يقبض الآن انفاسه حيال خطورة مشروع الدولة الاسلامية وخلافة داعش في العراق، وبمنسوب اقل في سوريا؟ ولماذا يضطرب موقف اصدقاء الغرب وحلفائه في المنطقة بين رفض الحرب ثم الترقب واخيرا الاستعداد للمشاركة؟ والحال، ان لماذا (ت) كثيرة تلاحق ما نتابعه من مظاهر تجييش ودق طبول الحرب في واشنطن ولندن وباريس وبون لجهة تشكيل تحالف دولي لمحاربة موصوف الارهاب بصفة دولة العراق الاسلامية في العراق والشام. 

لا شك ان الاجوبة على هذه الاسئلة ستتكامل بعد انتهاء الحرب، وربما سنطالع لاحقا اسرار كثيرة لها علاقة بالدور الامريكي في صناعة داعش وتأهيلها وتسليحها، ثم الانقضاض عليها، تكرارا لتجربة صدام حسين والكثير من الحكام، وقبل هذا لا بد من رصد حقيقة ان الكثير من المراقبين والاستراتيجيين في الغرب لم يكونوا ليقدروا بان داعش ستتحول (بهذه السرعة) الى قوة حاسمة على الارض وتتحكم في معادلة امن العراق ومستقبله، والامن الاقليمي، بما يهدد مصالح الغرب في ارخبيل نفطي وجغرافي شديد الحساسية، ولم يتوقفوا مليّا عند الاحوال السياسية المضطربة في حلقة الحكم بالعراق، والاحتقان الطائفي، وأوضاع مناطق غرب العراق، كبيئة محلية ساعدت في تمرير مشروع داعش وتوسيع قاعدته البشرية والجغرافية.

هذا الى جانب المعلومات التي لم تعد اسرارا عن فشل ادارة اوباما في ضبط قطبي الارهاب وتغيير النظام السوري، وإدارة المواقف والتحذيرات من تنامي قوة الجماعات الجهادية الأجرامية التي حظيت بتسهيلات لوجستية هائلة من تركيا وبدعم اسطوري من قطر والسعودية والغرب، وفي النقطة المحرجة من هذه المعادلة القاتلة هربت الولايات المتحدة، وجرّت الغرب معها،  الى موقف المتفرج على وقائع توظيف داعش (في غرفة عمليات استخبارية تركية) في مهمة خارج الاراضي السورية، وفي العراق حصرا.   

للحرب الرابعة قيد الانطلاق اجواء ترحيب في عواصم كثيرة، اكثرها ذي مغزى في طهران، وموسكو، وطبعا في دمشق، أما العراق، فانه يبدو، كما في كل مرة، مغلوبا على أمره، أو مكبّا لفضلات المشاريع والمصالح والاطماع من خارج الحدود، أو ضحية لحكامٍ تفننوا في إذلاله وتجريده من مقومات الدولة، ولسياسات نامت على وسائد الاوهام والخرافات. 

 

"على البشرية أن تضع حدا للحروب ، وإلا فان الحروب ستضع حدا للبشرية." 

          جون كينيدي

 

عبد المنعم الاعسم

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket