تطبيق الفدرالية الحقيقية هو الحل الجذري لما فيه العراق

الاراء 12:15 PM - 2014-08-20
عماد علي

عماد علي

تلقينا الكثير من المواقف المتناقضة الصادرة من اطراف عديدة خلال هذه الايام القليلة منذ تكليف السيد العبادي ومن ثم تنحي المالكي، حول البداية الصحيحة للولوج في خطوات الحل النهائي للمعضلة العراقية وما يُرضي الاطراف جميعا، اي المكونات الثلاث الرئيسية، بعد  الفوضى التي يعيشها العراق منذ سقوط الدكتاتورية وما عقدته داعش اخيرا. 

عند تقييم الحال وما موجود على الارض وما ينويه ويتمناه كل طرف من اجل تقويمه، نجد ثمة تناقضا واضحا اواختلافا في المتطلبات والرؤى لما هوالحل الممكن نجاحه في العراق اليوم من الاطراف كافة وكل حسب هواه ومصلحته دون النظر الى ما يهم الاخر المشارك ومصلحته.

العدوالمتشدد المتطرف الذي برز وانبثق  بالشكل المعلوم واستغل الواقع المتردي والاحتقان، اصبح منبوذا من الجميع وهواليوم النقطة المشتركة لجميع القوى الداخلية والاقليمية المتصارعة قبل المتحالفة والتي يمكن ان ينحوالجميع خطوة مشاركة الجميع في استئصاله وهوداعش، اي اصبحت لداعش نقطة ايجابية في سير العملية السياسية في المنطقة الاقليمة والعراق ايضا. لم ينزل العبادي من السماء كي لا نتصور اعادة الاخطاء التي ارتكبت خلال مجريات حكم المالكي، وان لم يكن يقصد الكثير منها وخاصة في بدايات تسنمه الحكم، فالعبادي رجل الحزب وتاريخه معلوم على الرغم من مدنيته وعقليته المتفتحة، ومن المحتمل ان يخطا ايضا، لذلك يجب التفكير في منع اعادة الاخطاء بايجاد الوسائل والخطوات والكيفية التي تساعده في ذلك اوتمنع تلك الاخطاء اوتقللها على الاقل. وعلى هذا الاساس يجب ان يفكر اي من الاطراف  في كيفية تلافي الاخطاء برؤيا جديدة صحيحة مختلفة وملائمة للواقع الجديد لتجنب تلك المواقف الخاطئة التي ارتكبوها من قبل واليوم هم نادمون عليها لكن لا يفيد الندم شيء وانما يجب الاعتبار منها، ومنها موقف السنة من الحكومة الجديدة بعد سقوط الدكتاتورية، وموقف الشيعة بعد احساسهم بانهم سيطروا بالكامل على ركائز الحكم ولا يمكن ان ياخذها منهم اي احد اخر، بعض مواقف الكرد الذي اعتقد بانه بعيد عن شرور ما تبرز من السلبيات من المركز..

اليوم الجميع ينتظر التوجهات والخطوات الرئيسية، وما يمكن يتفاءل به الجميع هواستخدام العبادي لاليات جديدة وتعامل مغاير جدا والاعتبار من الماضي القريب والتعامل مع ما موجود على الارض كما هودون الافكار الطوباية التي لا تغني ولا تسمن احدا وتزيد من الطين بلة. اي، الطريق المسالم  الناجع هي الجلوس مع الاطراف وبيان الراي واخذ المواقف والوقوف على ما هي الاصح والانسب لما العراق فيه وكيف وصل الى ما هوعليه والاسباب ما وراء التخبط والفوضى والاخذ بالصحيح الواقعي دون الاعتبار للخلفية الذاتية.

التركة ثقيلة جدا وتوزيع العبء الثقيل على اكبر عدد ممكن من الذين يمكن ان يحملوه، سيساعد الراعي وهوالعبادي على حمله في هذه المرحلة. وعليه، بعدما فشلت المركزية والتعنت والاستناد على القوة في فض المشاكل والتناحرات على الارض والاعتلاء على التعامل الصحيح مع الاحتقانات والاحتجاجات، لابد ان يُعاد صياغة العملية السياسية بحذافيرها، اي الوقت والحال والاطراف المختلفة والمتطلبات عوامل نجاح لكل من يريد البداية الناجحة السريعة لخوض الماراثون التصحيحي لاعادة مسار العملية السياسية وفق ما يرضى به كل طرف من الحصول على طلبه ويكفله الدستور نصا ومضمونا.

كانت الشيعة على اهب الاستعداد ان تُطبق الفدرالية وتاخذ حقوقها كاملة عند سقوط النظام السابق وكانت لينة المواقف وواقعية التفكير، الا انه بعدما سيطرت بشكل كامل على المركز استغلت مواقف الاخرين وخاصة عندما لم يشارك السنة في العملية بشكل ايجابي اولم يتعاملوا بعقلية جمعية مع الواقع الجديد،وتضرروا كثيرا من ذلك الموقف، وبعد تغيير المعادلات ندم السنة على مواقفهم وركزوا على تطبيق الفدرالية وخضع للامر الواقع وانعكس الموقف من قبل الشيعة، وكان الكرد على الارض ثابتين على موقفهم الفدرالي على الرغم من ضغوطات المركز بعد غروره لسيطرته على مركز الحكم والقرار وخضوعه لاوامر بعض الدول الاقليمية للوقوف ضد تطلعات اقليم كردستان واستمر في محاولاته على مضايقته ووصل الحال الى معاداته والوقوف ضد تطوره اخيرا في اتخاذه خطوات عدائية من قطع رواتب الموظفين وفرض الحصار عليه، بدلا من استنساخ ما سار عليه الاقليم وتطبيقه في المناطق العراقية الاخرى،  ولم يكن التعنت الذي ابداه المركز وبشخص رئيس الوزراء ياتي من الخلفية الشخصية بقدر تاثيرات الاقليم ومصالحهم ومصلحتهم  ومصلحته الشخصية وما فرضته عليه نواياه ونرجسيته وعمله المضني للبقاء اطول فترة ممكنة في الحكم وتخطيطه لذلك طوال فترة حكمه، وما ادى به الى التفرد والتحول والضغط على ما كان عليه العراق من الديموقراطية الهشة الى نوع من الدكتاتورية، وهذا ما فرض عليه التراجع عن العديد من الوعود والتوجهات التي كان يحملها عند تسنمه المنصب وما وقع عليه في الاتفاقيات سرا وعلنا.

اليوم وما فيه العراق من الفوضى، لا يمكن ان تُحل كل تلك القضايا الشائكة وبهذه العقلية الحاكمة وبتلك الصرامة التي اتخذها المالكي لاسباب شخصية كي يظهر كالرجل الحديدي وقائد العصر، اليوم يحتاج العراق الى العقل الجمعي وما ينتجه، والعالم جميعا دون استئناء تمارس اللامركزية وتتجه البلدان كافة الى هذه المنحى بشكل اكبر وان لم تكن انظمتهم فدرالية اوكونفدرالية، فتوزيع الادوار وتقسيم السلطات على المقاطعات والاقاليم والمحافظات اصبح امرا ملحا ومن متطلبات الادارة العصرية الناجحة، فما بالك في واقع كالعراق الذي يحوي شعبا من المكونات الفسيفسائية المختلفة التركيب والثقافة والتاريخ والاجتماع والنظرة الى البلد. اذا، الفدرالية الحقيقية المتوازنة والمتساوية الحقوق والواجبات، ورعاية البلد من  المركز في بغداد في امور عامة فقط،سيكون ذلك بداية المرحلة الجديدة وتعطينا ومضة امل في خضم هذه المتاهات والوضع الاجتماعي السياسي الاقتصادي الميؤس منه.

 

عماد علي / مركز النور

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket