الذئب على الباب

الاراء 12:05 PM - 2014-08-20
ساطع راجي

ساطع راجي

العبارة التي استخدمها الرئيس الامريكي باراك أوباما (الذئب على الباب) لتحذير الساسة العراقيين، تأتي من حكايات الاطفال، وهي اشارة واضحة الى طريقة الفهم الامريكي للساسة العراقيين الذين يخوضون منذ سنوات معارك عبثية تدفعهم الى التنافس على ارتكاب الاخطاء والحماقات حتى صار كل شيء مهددا، الذئب على الباب، والذئب هنا دولة الخلافة الاسلامية (داعش) او الفوضى ربما وهو أمر مفهوم لكن الباب المقصود هو باب السلطة في بغداد نفسها وحياة ومستقبل الساسة لأن الذئب سبق له ان التهم الكثير من العراقيين وبث فيهم الرعب والفوضى وشردهم.

الخلافات بين الساسة العراقيين غالبا ما اتخذت طابعا طفوليا، معظمها نشبت بسبب تصريحات متشنجة واراء تم الادلاء بها في استعراضات اعلامية وحملات تهييج انتخابي ووعود وتعهدات غير عقلانية ولا تنسجم مع قدراتهم الحقيقية ولا أساس لها، عندها يتورطون في مستنقعات لايعرفون الخروج منها ويباشرون التقاذف بالاوحال واطلاق التهديدات الغبية التي تؤدي احيانا الى سفك دماء المواطنين.

العقل السياسي الطفولي لايسمح لأحد بالتحالف معه لأنه يعتمد على المزاجية وينقلب كل يوم من طرد المحتل الى دعوة المحتل، من التهجم على بلد مجاور الى التوسل من أجل زيارة هذا البلد واللقاء بزعمائه، من رفض الاقاليم الى المطالبة بها، من تبني الدولة المدنية الى فرض أحكام الشريعة، من رفض المحاصصة الى البحث عن حصص.

تحذيرات عديدة ولسنوات من مخاطر انسحاب امريكي دون تأسيس دولة متماسكة في العراق وجيش جيد التسليح، كل مافعله الساسة بعقلياتهم الطفولية هو مطالبة الامريكان ببناء دولة عراقية وتسليح جيشها ومغادرة البلاد في نفس الوقت، الامريكان فعلوا ما يمكن فعله مع طفل عنيد يستخدم قوة الصراخ لفرض ارادته، تركوا العراق ليجرب حظه ويحقق رغباته قبل أن يبدأ بالبكاء مجددا، لكن اوباما كان شديد الوضوح في التعبير عن امتعاضه من إضطراره للتدخل في الشأن العراقي مجددا وقلقه من تراخي الساسة العراقيين اعتمادا على ان الامريكان سيقومون بالمهمة.

تعبير أوباما “الذئب على الابواب” هو تتويج لسياسة التعامل مع العقل السياسي الطفولي، فقد انسحب الامريكان واغلقوا الابواب وراءهم وسمحوا للجميع بفعل كل مايريدون، جربوا حرارة النار وحرائقها، والادوات الحادة وجراحها، ابتلعوا الاموال حتى اصيبوا بعسر الهضم، ربطوا بعضهم بعضا في اللعب الغبي ولم يعرفوا فك القيود لاحقا، وأخيرا وضعوا رؤوسهم في الاكياس النايلونية الشفافة، جحظت عيونهم ليس بسبب نقص الهواء فقط وإنما لأن الذئب اقترب كثيرا، هنا ارتفع الصراخ، بعضهم مزق كيسه وآخرون ضاعت أصواتهم، المشكلة الحقيقية في المتحمسين والمتعصبين للساسة الطفوليين.

 

ساطع راجي

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket