الكورد في بغداد والعرب في كوردستان.. شتان بين الاساءة والاحسان

تقاریر‌‌ 03:01 PM - 2014-07-12
معاناة الكورد في بغداد جراء التهجير والتهديد والقتل

معاناة الكورد في بغداد جراء التهجير والتهديد والقتل

ازمة طفت على السطح مؤخرا حملت في ملامحها الكثير من التداعيات، أشدها ضراوة هي " إثارة النعرات الطائفية" وفك نسيج اللحمة الوطنية والتعايش السلمي بين أطياف عراق فدرالي، من خلال افعال مشينة لا تمت للاخلاق ولا الانسانية بإية صلة.
حينما نتحدث عن إقليم كوردستان وموقفه من مجمل الازمات التي عصفت بالعراق، والتي تحمل ورزها المواطن البسيط، فلابد لنا أن نشير الى "عرفان" منقطع النظير، والى موقف إنساني نبيل، يحسب لكوردستان، وشعب كوردستان، في فتح الابواب أمام كل من هرب ( من العنف، والارهاب، والاقصاء، والتهميش، .. الخ) والقائمة تطول من الاسباب التي دفعت بالعراقيين لترك منازلهم واختيار ملاذات آمنة، ووجهات من شأنها أن تحفظ أرواحهم.
وبعد العام 2003 والى الآن مئات الالاف من العائلات فرت من مدنها ومناطق سكانها ولجأت الى إقليم كوردستان طلبا للامن وسط دعم ملحوظ من قبل حكومة الاقليم بتسهيل معاملاتهم الرسمية، وفتح المدارس العربية لابناء تلك العائلات، فيما وجد عدد كبير من رجال الاعمال من محافظات وسط وجنوب العراق ضالتهم في تلك المنطقة الآمنة البعيدة عن الصراع، فأستقبلوا بحفاوة ومارسوا كل تفاصيل حياتهم بصورة طبيعية دون تعرضهم لمضايقات تذكر.
ومراعاة لجانب المهنية والموضوعية التي تحتمها علينا المهنة الصحفية، اطلعنا بشكل ميداني على احوال تلك العائلات في مدينة السليمانية، ووقفنا على اوضاعهم الانسانية، وتعايشهم مع اخوتهم الكورد، منهم من يسكن السليمانية، منذ اكثر من عقد ومنهم جاء مؤخرا على خلفية تدهور الاوضاع الامنية في العراق لاسيما بعد سيطرة تنظيم داعش الارهابي على مدينة الموصل.
-السليمانية وضيوفها العرب القادمين من وسط وجنوب العراق
ابو عارف احد النازحين من محافظة الانبار يتحدث لـ PUKmedia : لقد هربنا في ليلة سوداء من الكرمة في الرمادي اثناء تلك الاحداث التي لم تنتهي لحد الان،  خوفا من القتل والقصف والقنص وغيرها من الات القتل التي إعتاد عليها العراقيون، وانا اليوم اعيش مع عائلتي الكبيرة في السليمانية وناسها الطيبيين الذين قاموا برعايتنا باخلاقهم العالية وشعورهم الانساني بظروفنا، ولدي الان اربع عوائل من اولادي وزوجاتهم واطفالهم، واستاجرنا دارا نقيم فيها منذ ذلك التاريخ ولحد الان ولم نجد من الاهالي سوى الكرم وكذلك رعاية رجال الدين الافاضل من جوامع السليمانية والتي يؤكدوا فيها على وحدة العراقيين عربا واكرادا وتركمانا واقليات اخرى.
ابو باسل رجل ستيني صاحب عائلة كبيرة من محافظة ديالى يقول لـ PUKmedia : لقد هربنا من التهديدات في بعقوبة ولاسباب نجهلها تماما نعرف ان كانت طائفية ام عداوات شخصية او عشائرية او قبلية، فالمهم كانت السليمانية وناسها في استقبالنا والاستفسار عن احوالنا خير عزاء لنا ولظروفنا الاقتصادية الصعبه جدا فقد وجدت لي مهنة صغيرة اعتاش منها من خلال بيع السجائرو الحلويات ، ولابد ان نقول ان معاملة الناس لنا في السليمانية كانت ولاتزال طيبة وتتسم بالمحبة والالفة التي تعودنا عليها من هذا الشعب الطيب الذي يكن مشاعر السلام والمحبة لكل عراقي ، كما واود الاشارة الى كرم بعض العوائل وخاصة في شهر رمضان المبارك وتقديمهم المساعدات المختلفة من مواد اغاثة ومواد غذائية على بعض العوائل المستحقة.
وفي احدى الازقة الضيقة من محلة صابون كران التقينا بعائلة عبد الهادي وهو من اهالي  بغداد، جاء الى السليمانية في عام 2006 يقيم فيها الى الان فيتحدث لـ PUKmedia: الحمد لله منذ ان اقمت في السليمانية انا وعائلتي نقطن هذه الغرفة الضيقة كما تلاحظون ولكن يهمنا هو راحة البال والاستقرار والحمد لله فان الناس هنا كرماء وطيبون ويسالون عنا باستمرار وعن حاجتنا وان صاحب هذا السكن مشكورا لايسالني حتى عن الايجار منذ فترة طويلة وكذلك يقوم بمساعدتنا ويعرف ظروفنا جيدا ، وهذا مالم اجده في مدينتي وبين اهلي وان حالتي المادية تعبه جدا بسبب عوقي كما تلاحظون ولااتمكن واطفالي من تدبير شوؤن الحياة ويساعدنا الاهالي بما تجود به انفسهم وكرمهم.
فيما يتحدث  ابوجمــال هو نازح من تكريت لـ PUKmedia  قائلا : لقد وصلنا قبل اشهر الى السليمانية ووجدنا ناسها الطيبيين واستعدادهم للمساعده في كل الظروف والاحوال التي نمر بها، وهذا شئ جميل وانساني فكلنا بشر ومسلمين ولابد للمسلم ان ينصر اخاه المسلم في محنته وظروفه الاستثنائية ونسال الله عزوجل ان يحفظ اهالي السليمانية ويكرمهم لمواقفهم النبيلة مع العوائل المهجرة من المحافظات العراقية.
فيما تتحدث لنا نسيمة وهي من اهالي منطقة الفضل ببغداد وتسكن الان السليمانية قائلة :الحمد لله على كل شئ واحب ان اقول بان السليمانية كانت وماتزال المدينة التي احتضنتنا انا وعائلتي من بناتي واولادي وعوائلهم ووفرت لنا الظروف المناسبة للاستقرار، والناس هنا غمرونا بالطمانينة التي حرمنا منها في بغداد بسبب الظروف الامنية وضياع الامن والامان وبسبب الحكومة التي لم نلمس منها خيرا منذ تغيير النظام ولحد الان، والان نحن نعيش بامان وسلام بين اخواننا الاكراد من اهالي السليمانية منذ قدومنا.
-اما في بغداد !
الصورة تبدو في بغداد مغايرة تماما، إذ أفرزت الازمة الامنية الاخيرة وتداعياتها عكس ما كان يطمح اليه الجميع، وينتظره الكورد تحديدا من بعض اخوتهم الكورد في بغداد، اذ لاحظنا في الاوانة الاخيرة لجوء بعض الجهات، الى الاساليب غير الحضارية، من خلال السب والقاء الشتائم على الكورد الى ان وصل الامر الى القتل والتهجير.
10 جثث لمواطنين كورد وجدت ملقاة على قارعة الطريق، في منطقة الشعلة حسب ما ذكر شهود عيان هناك، فيما خطف نحو 30 شخصا، والاسبوع الذي مضى شهد مقتل اثنين من الكورد من منطقة الكفاح ايضا.
اعلاميون وشهود عيان ومواطنون تحدثوا لـ PUKmedia ،  عن تصاعد وتيرة الازمة في العراق ووصولها لمرحلة لاتحمد عقباها.
الاعلامي عدنان جاف تحدث لنا قائلا : العراق يمر بمرحلة حرجة وخطيرة، خصوصاً بعد احداث نينوى وهذه الاحداث و التراكمات السياسية و توتر العلاقة بين بغداد واربيل اثرت بشكل واضح على حياة المواطن بشكل عام و الاعلاميون بشكل خاصة و المستهدف الان هم الاعلاميين الكورد، اذ يحتم عليهم عملهم مواكبة الاحداث ونقل المعلومة بكل موضوعية"
واضاف جاف : " نعم تخوفنا من الشارع البغدادي في الفترة الاخيرة بسبب الاتهامات للكورد وماحدث من اختطاف وتهديد وتهجير للكورد، خفنا كثيرا ولايوجد هنا من يحمي المواطن الكوردي او الاعلامي حتى، لقد تقيدنا بالعمل وفي الخروج بسبب هذه الجماعات التي تحاول كسب ود الحكومة".
المواطن ابو زيور وهو من سكنة شارع الكفاح الذي فقد اثنان من اولاده يقول لـ PUKmedia " نحن نسكن في شارع الكفاح أباَ عن جد ، نعمل في محلات الاقمشة في منطقة جميلة والناس كانوا في السابق، يكنون الينا الاحترام والتقدير، لكن اليوم نرى عكس هذا فالناس باتت  تتذمر منا وعيونهم مليئة بالحقد علينا لاسيما بعد تصريحات المالكي الاخيرة، لدي اولاد اثنين اختطفوا من قبل جماعات متطرفة، منذ اسبوع وانا لا اعرف عنهم شيئ لم نترك احد الا و اتصلنا به، والدتهم تعيش حالة من الذعر والخوف على حياتهما، لو كان الرئيس مام جلال موجدا لما حدثت كل الامور، فكان صمام الامان وكان العراق بتواجده ينعم بالحب والتسامح، كونه كان يقرب وجهات النظر كثيرا، نأمل ان يعود سالما الينا.
ابو طيبة احد ساكني منطقة عكد الاكراد في الشيخ عمر يقول لـ PUKmedia، " الكورد اخواننا ونعتبرهم اكثر من اخوان، هنا في المنطقة نعيش معهم منذ اكثر من ثلاثين سنة ولم يحدث بيننا مشاكل، نعم لاحظنا بعض العوائل الكوردية تعرضت للتهديد وللخطف ومنهم من ترك بيته، لم نكن نتمتى ان تصل الامور الى تلك الدرجة، كنا ننتظر موقف مشرف من الجهات الحكومية، بتوفير الحماية لهؤلاء المواطنين".
عبد الرزاق فتاح نائب مسؤول مكتب تنظيمات الاتحاد الوطني الكوردستاني في بغداد يقول لـ PUKmedia أن " هناك تراكمات كثيرة لاسباب تلك الازمة منها مشاكل الاقليم والحكومة الإتحادية حول مسألة النفط وعلى أساس هذه المشاكل أصبحت هناك مضايقات للمواطن الكوردي في الشارع البغدادي من قبل بعض المتنفذين الموجودين في دولة القانون، وان ما زاد من تازم الوضع الاحداث الاخيرة بعد سقوط الموصل بيد  الجماعات الارهابية رغم أننا اوضحنا ان الجيش العراقي ترك هذه المناطق و ترك اسلحته، وهذه المناطق مستقتطعة من كوردستان منها حمرين وكركوك وغيرها من المدن، فمن الطبيعي ان تشغل قوات البيشمركة هذا الفراغ وتدافع عن مواطنيها واهلها، فتصاعدت هذه الازمة في هذه الفترة وصارت هناك كراهية للكورد في بغداد.
وأكد أيضا " نعم حصلت تهديدات عديدة للكورد في بغداد منهم من قتل  واخرون اختطفوا، نحن كأتحاد وطني وفرنا الدعم للكورد عن طريق الاتصال بالمسؤولين المتنفذين بالحكومة والذين، بدورهم تعهدوا بعدم السماح بالتعرض للمواطن الكوردي، وبالفعل هدأ الوضع قليلا لكنه مال لبث ان تأزم بعد تصريحات المالكي الاخيرة وزيادة الاحتقان بين بغداد واربيل.
جاسم محمد ضابط في علميات بغداد يقول لـ PUKmedia، " سمعنا كثيرا عن شكاوي من العائلات الكوردية في بغداد عن تعرضها لحالات تهديد واختطاف، وتم رفع كتاب رسمي الى الجهات المعنية، وما زالت التحقيقات في ملابسات تلك الاحداث". 
وبعد تلك المفارقات لايمكن الا الإستشهاد بالاية الكريمة " إجزاء الاحسان الا الاحسان ".. ولايمنع ذلك ايضا من توجيه السؤال الى دولة رئيس وزراء العراق الفدرالي المنتهية ولايته: من المسؤول عن الدماء التي اريقت وتريق، وعن التهجير للعائلات الكوردية بإسم القومية وتهجير عائلات اخرى باسم الطائفة والدين؟ أية دولة قانون ينتهك فيها القانون في وضح النهار؟! الاسئلة كثر، وقادم الايام كفيل بالاجابة المنتظرة عنها، لاتلك المستهلكة على شاشات التلفاز، والبيانات التي تحمل في طياتها الاحتقان والافلاس.
PUKmedia خالد النجار - شيماء طالباني /  خاص

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket