كردستان ودرهم الوقاية.. !!

الاراء 04:20 PM - 2020-03-25
علي شمدين

علي شمدين

لقد عجز العالم مع الأسف الشديد عن اكتشاف لقاح طبي مضاد لهذا الفايروس الخطير الذي سمي بـ(كورونا)، والذي تمكن من الظهور مطلع هذا العام في قلب أحد أعظم دول العالم، ليخترق أسوارها التي كانت من عجائب الدنيا السبع، وينتشر منها إلى الدول الأخرى كانتشار النار في الهشيم، ليترك أنظمة هذه الدول بأجهزتها المختلفة عاجزة عن صده أو ردعه، حتى لم يبق أمامها سوى التسابق في تبني تعليمات الحمية والتشديد في إجراءات الوقاية، واتباع تعليمات النظافة اليومية وتأمين مستلزمات الحجر الصحي اللازمة، اتقاءاً لشرور هذا الفايروس الخطير بعد أن تبين علمياً بأنه ينتقل بشكل أسرع عبر الملامسة والتنفس والفم.

وبمتابعة سريعة للخارطة الجغرافية لتوزع هذا الفايروس وظهوره أول مرة في مقاطعة ووهان الصينية، وانتشاره منها إلى الأماكن الأخرى من العالم وإن بشكل نسبي، يتبين بأن التهاون في الاختلاط والملامسة المباشرة كان السبب الرئيسي لهذا الإنتقال، كما إن التكتم (المتعمد أو العفوي)، وعدم الشفافية في الكشف عن الإصابات الأولية وتوعية الناس للتحصن والوقاية منها، وبالتالي الإهمال في القيام بمسؤوليات العناية الطبية والحجر الصحي العاجل، ساهم بشكل جازم في تفاقمه وانتشاره أكثر، كما هو الحال في إيران، التي لازالت تتكابر على واقعها وتحاول التعتيم على حجم الآفة وعدد ضحاياها، بدل حشد الناس وتوعيتهم للحماية من الفيروس والوقاية منه تيمناً بقول رسول الله : (إعقلها، وتوكل)، بينما كان العكس صحيحاً في دول أخرى كالصين، التي تصرفت بمسؤولية وسارعت إلى الكشف عن ظهور الفيروس والإعلان بشفافية عن حجم الكارثة التي حلت بها، واستنفرت ليل نهار لمواجهة هذا الوباء لتسجل بذلك رقما قياسياً في تطويقه في مهده والقضاء على بؤرته، لابل باتت اليوم تمد يد العون والمساعدة للعديد من الدول المنكوبة بهذه الآفة، هذا ناهيك عن دول أخرى لازالت تستهتر بهذه الآفة وتستخف بها دون أن تحرك ساكناً في مواجهتها.. 

الحقيقة إنه وبالرغم من سوداوية هذا الواقع المرعب، وكارثية هذا الوباء الذي تسبب في إيقاف حركة النقل والتجارة العالمية، وشل مظاهر الحياة والنشاطات الإجتماعية المختلفة، دون أن تفلح العلاجات الطبية الموجودة حتى اللحظة في مكافحة هذا الفايروس أو تطويقه، إلاّ أنه وبالرّغم من ذلك ظلت فسحة من الأمل مشرعة على مصراعيها أمام الناس إن تم استثمارها، وهي التحصن خلف جدران الحمية والعزل الصحي، والحزم في منع التجمعات الجماهيرية ( الدينية، والتربوية، والإدارية، والإجتماعية... إلخ)، التي تسهل من أنتقال هذا الفيروس وتسرع من انتشاره، وكذلك إتباع إجراءات الوقاية الصحية والنظافة العامة (الفردية والجماعية)، وهذا لن يتم إلاّ برعاية حكومية مبرمجة ومتكاملة، تؤمن بأن: (درهم وقاية، خير من قنطار علاج)، هذه الحكمة التي تفضل الوقاية وترجحها على العلاج بشكل قاطع، هذا ناهيك عن أن مثل هذا العلاج لايزال غائباً مع الأسف الشديد؟!.

وفي هذا الإطار، وبالرغم من التحديات القاهرة، والأوضاع الكارثية التي تعيشها كردستا عموماً، إلاّ أنه لابدّ من الإشادة بالحملة التي نظمتها قيادة إقليم كردستان العراق، واعتمادها منذ اللحظة الأولى على (درهم الوقاية) الذي بين يديها طالما إن (قنطار العلاج) مازال مفقوداً، كما لابدّ من تثمين التعاون المميز بين الجهات المعنية (الحكومية، والسياسية والجماهيرية)، وتكاتفها بإيقاع منسجم وبثقة متبادلة في مواجهة هذه الآفة والحد من انتشارها وضبطها إلى حد مقبول، الأمر الذي يشكل دافعاً للمزيد من التضحية ونكران الذات في مواجهة هذا الغول والتصدي له حتى القضاء عليه نهائياً. 

 

علي شمدين

السليمانية 25/3/2020

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket